المقالات

فهمنا للعلاقات الدولية

يدور الحديث يومياً  عبر المنتديات العامه ووسائل الإعلام  .

نقاشات وحوارات حول العلاقات بين الدول والأحداث التي تحصل في جميع ارجاء العالم .سواءً اكانت إيجابية أو سلبية، وفي معظمها تظهر مواقف واراء دول ومنظمات وشخصيات سياسية واكاديمية مختلفة. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل .ما هو مفهوم العلاقات الدولية…؟ …وكيف نفهمه…؟

أن تاريخ العلاقات الدولية قديم جداً ويرتبط بنشوء الأمم والحضارات في العالم القديم خصوصا الحضارات التي قامت في بلاد مابين النهرين ( ميزوبتاميا ) .حيث كانت الاتصالات التي تتم فيما بينها تمثل  البدايات الأولى لوضع القواعد والأسس للعلاقات الدولية آنذاك، وهي علاقات كانت تتسم بعدم الاستقرار في العادة .ففي أوقات كثيرة كانت تجنح للسلم، وأوقات أخرى تذهب باتجاهات غير مستقرة تؤدي إلى حروب وثّقتها أحداث التاريخ حتى عصرنا الحالي.

إن العلاقات الدولية هي شكل ونمط العلاقات وعملية التفاعل الذي تتم بين مجموعة من الكيانات ، وتشمل الدول، والحكومات، والمنظمات الإقليمية والدولية، والشركات متعددة الجنسيات، وحتى الأشخاص الذين يمثلون قيادات الدول من رؤساء وملوك وغيرهم، وهؤلاء جميعهم يسمون من الناحية العلمية بأنهم وحدات المجتمع الدولي.

كما إن العلاقات الدولية قد تكون رسمية وقد تكون غير رسمية، وهي علاقات قد تؤثر فيها العديد من العوامل مثل الأنشطة التجارية، ووسائل الإعلام، والقوة العسكرية. ونحن نرى بأن العلاقة بين العراق من جانب والجارتين تركيا وإيران من الجانب الاخر نموذجا لتلك العوامل ،  وتختلف العلاقات الدولية عن مفهوم السياسة الخارجية التي تمثلها القرارات التي تتخذ لتحقيق الأهداف الدولية الخارجية. وتقوم العلاقات الدولية على نوعين من أنواع الفعل والتعامل البيني . أحدهما الأفعال التي تتخذها الدول، مثل قيام إحدى الدول بغزو عسكري كما فعلت تركيا واحتلالها اجزاء من الشمال العراقي، أو اتخاذ قرار بمقاطعة اقتصادية تجاه إحدى الدول ، وهو مالم تفعله الحكومات المتعاقبة على حكم العراق كرد فعل منطقي على الاحتلال التركي، أو تحالف بين مجموعة من الدول كما هو الحال مع حلف (الناتو) على سبيل المثال لا الحصر. أما النوع الثاني من أنواع السلوك والفعل في العلاقات الدولية، فهو ردود الأفعال بين الدول على قضايا ومواقف معينة. كالتداعيات التي أعقبت الحرب في غزة والتغير الذي طرأ على العلاقات بين من وقف مع أو بالضد من الطرفين المتحاربين.

نشأت العلاقات الدولية كما ذكرنا منذ أزمان وعصور تاريخية قديمة، ولكنها في تاريخنا المعاصر تعود إلى  النظام الدولي الحديث الذي بدأ بمعاهدة (ويستالفيا) التي أنهت الحروب الدينية في أوروبا عام 1648، وكان التركيز في البداية يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية بين الدول، وكيف تبحث البلدان إقامة علاقات فيما بينها ، وتطورها من خلال إقامة علاقات دبلوماسية يتم فيها التبادل الدبلوماسي وفتح السفارات في العواصم لرعاية وتنظيم العلاقات والمصالح بين الدول . واستمر هذا الحال حتى فترة ما بين الحربين العالمية الأولى والثانية.

بشكل عام كان القرن الماضي محطة تاريخية مهمة للعلاقات الدولية بسبب التطورات التي شهدها العالم خلال هذه الفترة، ومن أبرزها تطور وسائل الإعلام، وتشكّل الدول القومية بشكلها الحالي ، والذي بدأ بالانهيار التدريجي مع بدايات القرن الواحد والعشرون، نحن نعتقد في جبهة النضال الديمقراطي بأن عصر الدولة القومية قد ولا بالفعل . وقد آن الاوان لحرية الشعوب والإدارات الذاتية والديمقراطية أن تحل بديلا عن النظم والكيانات القومية التي ماكانت الحربين الكونيتين ستقعان لولاهما. انها الشوفينية القومية والدينية التي أدت الى معاناة العالم من التطرف القومي والديني والى حربين عالميتين راح ضحيتها الملايين من سكان العالم…أدى ذلك إلى البحث عن آليات جديدة تساهم في إرساء السلم والأمن الدوليين والحفاظ على علاقات دولية مستقرة بين الدول، كما هو الحال بالنسبة لإنشاء عصبة الأمم التي انهارت عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية في العام 1939، وأدى انتهاء الحرب في العام 1945 إلى تأسيس هيئة الأمم المتحدة التي تعد اليوم الضمانة الدولية الأولى للحد من الصراعات والنزاعات بين الدول، والضمانة لتحقيق الأمن والاستقرار الدوليين.

بعد الحرب العالمية الثانية انشغلت الدول بتطوير علاقاتها على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وحتى المجالات الأخرى. ولكن ظهور قوتين رئيسيتين في العالم وهما الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية أدى إلى استقطاب دول العالم للتحالف مع هاتين القوتين العظميين، وحرصت العديد من دول العالم التي كانت خارج حلفي (الأطلسي) و (وارشو) إلى عدم الانحياز لهاتين القوتين . ما أدى إلى تأسيس حركة عدم الانحياز كردة فعل على حالة الاستقطاب والتحالف للاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة  في تلك الفترة، وهو ما أطلق عليه آنذاك (بالحرب الباردة ).

مع الوقت اهتمت الدول في تطوير قوانين وأنظمة دولية تساعد في الحفاظ على استقرار العالم وضمان أمنه، وبدأت بالتفكير جدياً باستحداث منظمات دولية تعنى بتنظيم التعاون الدولي في مجالات عديدة، ولذلك أسست العديد من المنظمات الإقليمية والدولية التي تعنى بتنظيم مجالات التعاون الدولي المختلفة.

نتيجة للتطور المتسارع في العلاقات الدولية، وتأثيرها على المجتمعات وامتداد تأثيرها إلى الدول الأخرى .كما هو الحال بالنسبة لوسائل الإعلام التي صارت تؤثر في مجتمعات خارج نطاق الدولة التي تعمل فيها. ظهرت لاحقاً الشركات متعددة الجنسيات وهي شركات ضخمة تتعدد في الملكية والإدارة وحتى في التسويق ليشمل أكثر من دولة واحدة مثل شركات البترول والبنوك والمؤسسات الصناعية والتجارية الكبرى .فقد لعبت هذه الشركات دوراً رئيساً في العلاقات الدولية. بسبب مساهمتها في إيجاد مصالح دولية مشتركة بين أكثر من دولة.

 العام 1991 شهد سقوط الاتحاد السوفييتي وصارت الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الوحيدة الأكثر تأثيراً على مستوى العالم. وبدأ شكل العلاقات الدولية بالتغيّر بسبب وجود عوامل جديدة لم تكن موجودة سابقاً. ولم تساعد الآليات التي استحدثتها دول العالم في منع الصراعات الإقليمية والدولية  مثل الأمم المتحدة ، كعدم امتثال الكيان الاسرائيلي لقراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية والحرب في غزة مثلا ، وإن كانت لها جهود إيجابية مهمة في العديد من المجالات.

ويبقى الطابع الأبرز في العلاقات الدولية حالياً هو انعدام خصوصية الدول، وتراجع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية . الذي يعد من مبادئ الأمم المتحدة للعلاقات الدولية، مما يعني انتهاء حالة بقاء الدولة معزولة عن بقية الدول، إذ تتأثر بكافة العلاقات سواءً كانت طرفاً فيها أم لم تكن.

وبالعودة إلى رؤيتنا كجبهة نضال ديمقراطي.فاننا نحرص على تجنيب العراق في فخ الاصطفافات الإقليمية والدولية، وهو الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه إلى تحويل العراق الى ساحة للصراع بين الدول ، ويمهد الطريق أمام تلك الدول للتدخل في شؤوننا الداخلية، والتأثير على القرار الوطني والسياسي للعراق الاتحادي، ويكرس حالة التشظي والانقسام بين مكونات الشعب كنتيجة حتمية للتماهي أو الانحياز لأي طرف من أطراف الصراع بين الدول.كما نجدد إيماننا الراسخ بأن التحول الديمقراطى فى العراق لا يمكن أن يتحقق إلا بتعزيز مبادئ الوحدة الوطنية وجعل المواطنة المتساوية حجر أساس لتوحيد رؤى الأحزاب الوطنية ، ومنظمات المجتمع المدني ، والفعاليات الاجتماعية للنهوض بالعراق حاضرا ومستقبلا . أننا نرفض كل أشكال الاحتلال والتمييز العرقي أو الطائفي أو الديني، ونناضل من اجل مجتمع ديمقراطي تشاركي واخلاقي تتحقق وتزدهر فيه قيم التعايش السلمي والأخوة بين كافة المكونات العراقية.وبناء علاقاتنا الدولية وخاصة الإقليمية منها على قواعد الاحترام المتبادل وعلاقات حسن الجوار والمصالح المشتركة .

 

اسعد العبادي

علي ابراهيم

عضو لجنة الاعلام في جبهة النضال الديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى