المقالات

الذوق العام …مسؤلية تربوية وقانونية

المساحة المتاحة اليوم لإبداء الرائ وحرية التعبير في عراق ما بعده 2003. تكاد تكون متقدمة على ماسواها من الساحات التي مازالت ترزح تحت سطوة الأنظمة الشمولية والقومية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وهي الحقيقة التي شكلت منطلقا لمناقشة المسائل الحيوية والمهمة ضمن الأطر والسياقات الديمقراطية التي كفلها الدستور.
اليوم نتطرق لمسألة الذوق العام وطرحها للنقاش والحوار واقتراح الحلول ، وهي مهمة ليست بالسهلة ابدا .إذ أن مسؤلية المعالجات تقع على كاهل مؤسسات الدولة ، والاحزاب الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات الاجتماعية للنهوض بواقع الذوق العام في العراق ، وإعادة بناء الاسس البنيوية فيه، وكيفية معالجة الظواهر الشاذة التي باتت تنغص عيشنا وتشوه هويتنا الاجتماعية والوطنية .
أن إشكالية الذوق العام أمست بأمس الحاجة إلى مراجعة مستفيضة من مؤسسات الدولة والسلطات التشريعية والقانونية .
أصبحت مسؤلية عامة ملقاة على عاتق الحكومة والشعب.
للتعامل مع هذه الإشكالية بما يحد أو يعالج الأخطار المتوقعة جراء إهمالها ، والآثار المدمرة الناجمة عن ذلك الإهمال وتأثيره على البنى الاجتماعية والسلوك المنضبط كشرط لازم من شروط التنمية والرفاهية في العراق. الذي يتحول تدريجيا نحو الثقافة الديمقراطية وقبول الآخر المختلف .
أن الذوق العام إنما هو جزءا هاما، وركنا أساسيا في منظومتنا القيمية والأخلاقية. هو مفهوم يشير إلى المعايير والقيم الاجتماعية والثقافية التي توجه سلوك الأفراد في المجتمع، ويؤدي التقيد بمحددات الذوق العام دورًا هامًا في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك تطور المجتمع والاقتصاد.
فالذوق العام فيما يخص التعامل المجتمعي يوجه تفاعل الأفراد مع بعضهم البعض ، ويحدد ما هو مقبول وغير مقبول من ناحية التصرفات والأخلاقيات الاجتماعية.
لابد من الإشارة إلى أن الذوق العام يتباين وتطرا عليه بعض الاختلافات من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، فالذوق العام يعكس القيم والاعتقادات الاجتماعية والثقافية للناس، ويمكن أن يلعب دورًا في الحفاظ على التنوع الثقافي أو التفاعل مع ذلك التنوع الذي يتميز به العراق ومعظم دول المنطقة التي نشير إليها نحن في جبهة النضال الديمقراطي. باعتبار أن الإخوة بين الشعوب ونهج المواطنة المتساوية والاخلاق هي من مقومات العيش المشترك ، والسلم الأهلي ،ورفاهية الشعوب
أما فيما يخص جانب التربية والتعليم والتقيد الصارم بقيم الذوق العام فإنه سيساهم في نقل القيم والمبادئ التربوية والأخلاقية .من جيل إلى آخر، ويمكن أن يكون جزءًا من عملية التعليم والتربية الأخلاقية في المجتمع وتنمية اقتصادياته، ويكبح جماح الاستهلاك والشراء بدافع التباهي المسرف من الناحيتين المادية والمعنوية للإنسان العراقي. فالذوق العام يؤثر على قرارات الشراء والاستهلاك للأفراد، ويمكن أن يكون للذوق العام دور كبير في تحديد ما إذا كان الأفراد سيشترون منتجات فاخرة أم أنهم سيفضلون الخيارات الاقتصادية أو العكس.
أن اختيار الأزياء المناسبة والاهتمام بالمظهر المناسب وجمال الهيئة هما من اسباب احترام الذوق العام الذي يؤثر بشكل كبير في صناعة الحياة وقيم الجمال .التي تذهب وتحمل معها تغييرات في الاتجاهات والأذواق الشخصية للأفراد وتمكينهم من الابتكار. أن التقيد بشروط الذوق العام والالتزام الصارم بالأنظمة والقوانين ، والرقابة الذاتية أيضا يمكن أن يلهم الرواد المبتكرين والشباب والشابات من تطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات ورغبات المجتمع بما لايسئ إلى الذوق العام أو يخدش الحياء والضمير العراقي، فعندما يكون لديهم فهم جيد للذوق العام، يمكنهم توجيه جهودهم نحو القطاعات التي تحظى بإقبال كبير وتشكيل هويتهم الخاصة التي سيفخرون بها امام نظرائهم من الشعوب الشقيقة والصديقة ، وهذه المهمة الأخلاقية هي من اهم مهام شاباتنا وشبابنا في جبهة النضال الديمقراطي.
إذ تقع على عواتقم عملية التغيير والتحول الذهني الذي من شأنه أن يؤثر ويحدث فرقا في السلوك ، وتشذيب العادات والقيم الاجتماعية وتطهيرها مما علق بها من عادات، وسلوكيات دخيلة.
الذوق العام يؤثر في صناعة الحياة بكافة جوانبها .السياسية، الاقتصادية ، الاجتماعية، وتشجيع سبل تعظيم موارد الدولة من خلال السياحة على سبيل المثال لا الحصر ،والتي يعتبر العراق من الدول المؤهلة لأن يحتل مكان الصدارة فيها…. !!!
المدن والمناطق السياحية المتنوعة التي تتقيد بالذوق العام لديها فرص أكبر لجذب السياح وزيادة الإيرادات السياحية ،وإيجاد فرص العمل لشبيبتنا . فالشركات والصناعات التي تتبنى الذوق العام غالبًا ما تحتاج إلى العديد من العمال لتلبية الطلب المتزايد على منتجاتها وخدماتها، مما يخلق فرص عمل جديدة في المجتمع.
وهنا تأتي الإشارة إلى الدولة ومؤسساتها التشريعية ، والتنفيذية ، والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات الاجتماعية لتشريع القوانين التي تجعل من مسألة الذوق العام على رأس الأولويات ، وجعل الذوق العام منهج حياة لمجتمعنا في سلوكياته وتعاملاته، ورسالة تتوقف عليها اسباب تحديد ملامح هوية الأمة العراقية ، ولخلق بيئة مجتمعية راقية تمتاز بالذوق الرفيع في جميع التصرفات والتعاملات لجوانب الحياة المختلفة.استنادًا إلى القيم الحضارية للحداثة الديمقراطية ، والمعايير الاجتماعية ،وذلك من خلال تفعيل دور المرأة والشباب في المجتمع عن طريق التأثير الإيجابي وتعزيز القيم، وذلك بنشر ثقافة ومفهوم الذوق العام ،وأهداف متعددة يكون من أبرزها تعميق الوعي السياسي ، والمعايير الاجتماعية في انتهاج الذوق العام كأسلوب حياة، وتنمية الممارسات السلوكية المعززة للذوق في البيئة المجتمعية، والمساهمة في بناء الشخصية العراقية التي تتبنى قيم الذوق والمواطنة المتساوية، وإبراز أفضل الممارسات الإيجابية للأفراد والمؤسسات في تبني قيم الاخلاق الفاضله.
مع الإشارة إلى الحاجة الملحة لتشكيل لجنة خاصة في مجلس النواب الموقر .لمتابعة تنفيذ القانون الخاص بالذوق العام وتطبيقه بحزم وصرامة وبدون أدنى تساهل.

اسعد العبادي
28.4.2024

علي ابراهيم

عضو لجنة الاعلام في جبهة النضال الديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى