المقالات

ثقافة المستهلك وجشع التاجر

علي ابراهيم

يتاثر الاقتصاد العالمي والمحلي في كل بلد بالسياسة التي تنتهجها الحكومات او بالوضع السياسي والازمات بشكل عام والعراق الذي يعتبر من اكثر البلدان التي يواجه ازمات سياسية واقتصادية وعدم استقرار، اثر ذلك بشكل واضح على اقتصاده رغم موارده الاقتصادية الهائلة.

وفي ظل تلك الظروف التي يعيشها البلد من حالات المد والجزر والقبول والرضى والتارجح السياسي ما بين مرفوض ومقبول يواجه البلد ازمات اقتصادية داخلية وخارجية دون وضع خطة زمنية او مالية من قبل الحكومة لتحجيم ازماتها الاقتصادية التي افرزت نوع اخر من الازمات منها تجار جشعين مستغلين الفراغ الحكومية والرقابي التي اصبح عبء على المواطن الذي يجاهد من اجل لقمة عيشه مقابل مردود مادي بسيط لايكفي لسد احتياجاته الضرورية.

 هنا توجب علينا ان ندعو الحكومة للوقوف مع المواطن المستهلك لتفعيل العمل الرقابي ووضع  حد للمستغلين من بعض التجار الذين يحاولون استغلال وانهاك المواطن باحتكار المواد الغذائية وبيعها باسعار مضاعفة اتعبت جيوب المستهلك صاحب الدخل المحدود، كما يتوجب علينا ان نضع خطة لمواجهة ارتفاع اسعار البضائع وذلك بتثقيف المواطن على اهمية محاربة المواد التي ترتفع اسعارها دون سبب والامتناع عن شراءها واستبدالها بمواد اخرى اقل ثمنا وان كانت اقل جودة بمواجهة الجشع التجاري ومحاربته ووضع الحواجز كي لايتمكن التاجر من التلاعب بقوت المواطنين ونمط عيشهم.

فبالرغم من الاجراءات الحكومية البسيطة التي مارستها الحكومة والتي تصمنت منع الاستيراد وتشجيع المنتوج المحلي وفتح المصانع الصغيرة واقبال المواطن على شراءها وتشجيعها لم تفلح كل تلك الاجراءات في ردع جشع التجار ما ادى الى وانتقام المستوردين من المواطن باستحواذهم على الكثير من المنتجات المحلية ورفع اسعارها لتصبح اسعار خيالية حيث فاقت على اسعار المستورد الذي كان يغطي احتياجات السوق والمستهلك باسعار تنافسية مقبولة.

مع جميع تلك الاجراءات المتخذه للحد من التضخم الاقتصادي الا ان التاجر اصبح اكثر قوة بسبب نفوذه داخل الدولة او استغلال بعض المسؤولين مماجعله يتحكم بالقرارات الصادرة من الدوائر المختصة او تجاوزها دون محاسبة او رقيب والذي جعل الامر اكثر تعقيدا، اضافة الى المعابر الحدودية المفتوحه لحسابهم الخاص وليس لحساب الدولة التي فسحت المجال لتجارة المواد الغير مسموح بدخولها الى البلد وبيعها باسعار مرتفعة.

كل ذلك جعل من المواطن ضحية لضعف الدولة وجشع التجار الذين لايرون اكثر من مصالحهم الشخصية التي انهكت البلد وجعلته في مصاف الدولة المتخلفة اقتصاديا بسبب افتي الفساد المالي والاداري.

بما اننا شعب لم نتدرب على سياسة الشراء نجد ان التاجر لايبالي اذا ما اقدم على زيادة بضاعة معينة لثقته التامة ان البضاعة لن تبور في الاسواق وان الاقبال على تلك المادة لن يتاثر بزيادة السعر، ذلك لجهل المجتمع باستغلال الجشعين من التجار وتحكمهم بقوتهم او من باب التباهي و التفاخر بشراء بضائع غالية الثمن…!!

 

وهنا علينا ان نقف قليلا وننبه الجهات المعنية بالرقابة سواء كانت حكومية او خاصة بان تضع خطط صحيحة لتثقيف المستهلك من اجل مكافحة الارتفاع في الاسعار وخصوصا المواد الغذائية فالمواطن هو المتضرر بالتقلبات الاقتصادية التي من الممكن ان تؤثر على وضعه الاقتصادي الذي اصبح لايحتمل ولا يطاق في ظل الغلاء التي ينتهجه التاجر وفي غياب الرقابة الحكومية، والذي اصبح لايرى ابعد من الربح الذاتي كهدف وغاية له متناسيا ان هناك من يكافح لاجل ايجاد لقمة العيش لابناءه، فبالقدر الذي يصر التاجر على زيادة ارباحه على حساب المواطن على المستهلك ان يتحصن بثقافة الشراء والعرض والطلب كما يجب على الحكومة محاسبة من يحتكر اي سلعة بقصد زيادة اسعارها، وعلى المواطن ايضا ان يمتنع عن شراء البضائع التي يزداد سعرها دون سبب واستبدلها بمواد اخرى كي ينخفض الطلب عليها وتصبح من البضائع الراكدة في المخازن والمحلات التجارية ومحاربة التجارة الجشعة التي تنظر الى المكاسب الشخصية والتي تجعل من التاجر يفكر الف مرة قبل زيادة سعراي مادة او بضاعة.

مما ذكرنا نجد ان الوعي الاقتصادي له الدور الفعال في تنمية الاقتصاد المحلي وبالتالي سيدعم الوضع الاقتصادي للمستهلك، اذا ما تم تفعيل تلك الثقافة لدى المواطن كي يتمكن من محاربة الجشعين بثقافته الاقتصادية التي ستمكنه من ممارسة حقه في ان يكون فردا يتمتع بامكانيات معرفية وتجارب تمكنه من شراء ما يحتاجه دون ان تؤثر على مدخولاته المادية.

2 ـ 11 ـ 2022

 

علي ابراهيم

عضو لجنة الاعلام في جبهة النضال الديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى