المقالات

الأمة الديمقراطية هي الحل الأمثل للصراعات العرقية والإثنية في العراق

 إن التعايش بين الشعوب هو ضرورة حياتية لحماية مستقبل البشرية من أخطار دعوات الكراهية والعنف، والإقصاء على أسس دينية، أو مذهبية، أو عرقية.

مما يستوجب استنهاض قدرات المجتمعات الإنسانية، وتوحيد جهودها لتعزيز فكرة التعايش كقيمة إنسانية جامعة تكفل حماية التنوع وتعزز الحوار والتعاون، ويتطلب هذا العمل غرس قيمة التعايش في مناهج التعليم ووسائل الإعلام وداخل الأسرة، وأماكن العبادة.

إن منطقة الشرق الأوسط تتميز بالتنوع الاثني والعرقي والديني والمذهبي بحكم عوامل عديدة بعضها تاريخي وبعضها جغرافي، وكانت هذه المنطقة ممرا وأحيانا مستقرا للكثير من شعوب الجنوب والشمال  فضلا عن كونها منطقة غنية بالثروات الطبيعية والمائية والتربة الصالحة للزراعة، وكانت تشهد تعايشا بين كل المكونات  الاثنية والعرقية والدينية إلى أن جاءت القوى الاستعمارية الطامعة في ثروات المنطقة، وانتهجت سياسة فرق تسد ولعبت على وتر الخلافات وعمقت من التباينات الثقافية بين مكونات المنطقة.

سايكس بيكو والظلم التاريخي

لقد أقدم النظام العالمي والرأسمالي (وقد تشكل مع الحرب العالمية الأولى 1914-1918م) على تقسيم منطقة الشرق الأوسط من خلال ما سمي باتفاقية سايكس- بيكو- سازانوف، أي المعاهدة السرية التي عقدت في 1916 بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا لتقسيم منطقة الهلال الخصيب وأوجدت حدوداً مصطنعة في الشرق الأوسط دون أي اعتبار للخصائص الإثنية أو الطائفية مما ولد صراعات ونزاعات مؤسفة … ولايزال إرث الاتفاقية يلقي بظلاله على النزاعات الحالية في المنطقة.

الحركات القومية العربية من النضال إلى التسلط والمركزية

هذا التقسيم المتعسف للمنطقة،  والذي تزامن مع تشكل حركات قومية عربية مناهضة للاستعمار العثماني وصلت بعض تلك التيارات والأحزاب القومية العربية وقد رفعت شعارات ثورية إلى حكم بعض الأقاليم في المنطقة ومع وصولها إلى سدة الحكم بدأت مرحلة جديدة بفرض أفكارها وأنماطها ما أدى إلى ارتكاب جرائم عرقية مؤسفة , وقد جاء ذلك تعبيرا عن تجاهل لحق التنوع الاثني والديني والمذهبي، والذي يمثل أحد أهم التكوينات المجتمعية عبر العصور، وتشهد بذلك الحضارات القديمة، ولقد أدت سياسات تلك الأنظمة المفتقرة للخبرة والوعي إلى تحويل المنطقة إلى بؤرة للفوضى والحروب مازالت آثارها حاضرة حتى اليوم.

التنوع الثقافي مصدر قوة وغنى

لقد لجأت تلك الأنظمة إلى انتهاج المركزية  وفرض اللغة الواحدة واحتكار وسائل القوة متجاهلة بذلك التعدد والتنوع الذي يميز ثقافة المنطقة، والذي يمثل عامل قوة وغنى وكذلك حرمت المجتمع من حقه في حماية ذاته ما أدى إلى نشوب صراع بين الحكومة المركزية والأطراف جراء محاولات الحكومات المركزية لإخضاع الأطراف وما تمثل من تنوع ديني وعرقي ولغوي

عوضا عن العمل على استيعاب الأطراف والآخر المختلف عرقيا ودينيا وفقا للقيم الديمقراطية لترسيخ مفاهيم الانتماء الطوعي للبلاد ما يمكن من توظيف كل الطاقات لتنمية وتطوير المؤسسات الحكومية للدولة..

بالرغم من بعض الإشكاليات التي كانت تأتي من السلطات الحاكمة ظلت شعوب المنطقة عبر آلاف السنين تعيش في وئام وتتشارك في الحياة اليومية والجغرافيا والتاريخ، وهذا التنوع يمثل مصدر غنى ثقافي، وكذلك يضفي مزيدا من القوة لشعوب المنطقة وإن اضعاف أي من مكونات المنطقة يسهم في إضعاف شعوب المنطقة ككل وهذا ما تؤكده الوقائع التاريخية.

الأمة الديمقراطية:

جاءت منظومة  الإدارة اوالأمة الديمقراطية  “والتي انطلقت من خلال مشروع الأمة الديمقراطية” الذي تم  طرحه  ليمثل وبحق نموذجا تطبيقيا لفعالية وصحة ونتائج المشروع الوطني الديمقراطي في العراق

من خلال تجربة الإدارة الذاتية في العالم، وهو الأمر الذي  سيمكننا من أن نقول إن المجتمعات والشعوب في الشرق الأوسط  يمكنهم العمل والكفاح والتأسيس لبناء حياة ديمقراطية وحرة يتحقق فيها الاستقرار والأمن والسلام عبر السياق الديمقراطي المجتمعي… معتمدة على القوى الذاتية لمجتمعات وشعوب المنطقة ومنفتحة على أي تواصل وعلاقات وتوافقات وتفاهمات سيادية وندية تضمن وتحفظ للمجتمعات والشعوب حريتها وكرامتها وإدارتها الذاتية التي تخدم المصالح الحقيقية للمجتمعات والشعوب.

ويمكن القول ومن خلال إطلاعنا عن قرب على تجربة الإداراة الذاتية في العالم إنها تمثل وبحق الحل النهائي والأمثل لجميع القوميات من عربية و  كردية وآشورية ….الخ، وكذلك تؤسس لبناء تكامل إقليمي وكونفدرالية مشرقية تعيش في ظل فضاء مجتمعي قائم على قبول الآخر ومؤمن بالديمقراطية والعيش المشترك.

حوار المكونات العراقية ضرورة وطنية

أن خروج منطقتنا من الازمات التي تعانيها يتأتى من خلال السعي لتحقيق التحول الديمقراطي وبناء الديمقراطية كنظام للحياة والإدارة واحداث تغييرات جوهرية وبنيوية في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني والثقافي…لتمهيد الأرضية وبناء الذهنية الديمقراطية التشاركية التي تقبل وتصون وتحافظ على التنوع والتعدد الموجود في المنطقة وتحترم إرادة كل المجتمعات والشعور والتكوينات المجتمعية وذلك في أن تحمي وتدير مناطقها وثرواتها بمشاركة وقيادة المرأة والشباب الواعي والمنظم في إطار تكاملي يمثل الوحدة الديمقراطية لشعوب المنطقة كالكونفدرالية الديمقراطية لاتحاد الشعوب والأمة الديمقراطية في الشرق الأوسط لمعالجة كافة المشاكل العالقة منذ عقود في منطقتنا وبناء التكامل الإقليمي ووقف كافة أشكال الحروب والمنازعات الدموية .

أن النضوج الفكري والحضاري والإنساني الذي تتمتع به الإدارة الذاتية أصبح واضحا لاي متابع وان أحد اهم مؤشراتها تلك المكانة المتميزة والرائدة التي يحتلها الشباب والشابات في مؤسسات الاداره الذاتيه والتي أصبحت ملهمة لغيرها في العالم .

وان دعم وإنجاح الإدارات الذاتية في العالم سيدفع في اتجاه مسار حل الازمات   العراقية وسيجعل من تجربة الإدارة المجتمعية نموذجاً يحتذى بها على كامل التراب الوطني ويمثل خطوة مهمة في أتجاه تأسيس دستور عراقي ديمقراطي يضمن كافة الحقوق والواجبات والمبادئ العامة التي تتوجب على أفراد الشعب العراقي التمتع بها وممارستها في إطار التعددية واللامركزية والديمقراطية التمثيلية الحقيقية ‘  وهذا بدوره سيساهم بقيام عراق جديد ينتهج ديمقراطية تعددية مستقرة ومستقلة.

جبهة النضال الديمقراطي

13. 10. 2022

علي ابراهيم

عضو لجنة الاعلام في جبهة النضال الديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى