المقالات

المجتمع الديمقراطي في “برديغما” جبهة النضال الديمقراطي في سطور

بعد ان شهدت نهايات القرن العشرين زوال وسقوط نموذج الدولة القومية التي كانت وسيلة اصحاب رؤوس الاموال لتعظيم ارباحهم من “فائض القيمة” واصرارهم على تكرار سيناريو الهيمنة المستدامة لقوى الحداثة الراسمالية على مقاليد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. بعد ذلك السقوط المدوي للنموذج “المسخ”. مازالت قوى الاستعمار العالمي تحاول  بأستماته لاحياء تراث ميت لم يعد صالحا للحياة..

فبين الديمقراطية التمثيلية التي صدعوا بها ادمغة العالم الذي اكتشف زيفها مع قرينتها |(حقوق الانسان)، وبين الديمقراطية المركزية التي اثبتت فشلها هي الاخرى… نقف نحن احرار العراق والشرق الاوسط لكي نبني النواة الاولى (للمجتمع الديمقراطي) على انقاض التجربتين اللتين كانت محاكات للنموذج الغربي الاستعماري واللتان اثبتتا فشلهما في مجتمعاتنا التي دفعت اثمان باهضة كنتيجة مباشرة وغير مباشر للانقلابات العسكرية التي حكمت بلادنا منذ مطلع الخمسينيات والى اليوم كنموذج لتلك الديمقراطيات.  

انتهت حقبة الدولة القومية في الشرق الاوسط  بزوال نظام الحكم في العراق بعد الاحتلال الامريكي عام 2003، وبذلك انتهى حكم الحزب الواحد والحاكم المطلق.. كان النموذج الذي فرضته الدولة الاستعمارية كنموذج للحكم في الشرق الاوسط والبلاد العربية تحديدا هو احد مخرجات الحرب الكونية الاولى ومعاهدة (سايكس بيكو) التي قسمت المنطقة الى وحدات مقطعة الاوصال تحمل معها بذور الفتنه فيما بينها مما نجم عن ذلك عدة حروب وصراعات على مدى النصف الاخير من القرن العشرين وبدايات القرن الحالي.

ان (للمجتمع الديمقراطي) مقدمات لابد من تأصيلها حتى نتمكن من البناء عليها ومن هذه المقدمات

1ـ الفرد الحر الذي يؤمن بالحياة التشاركية على خلاف ما انتجته الافكار والمعتقدات الراسمالية.

2 ـ الحياة السياسية الشبه مستقلة ديمقراطيا اي ان يدير المجتمع شؤونه ادارة ذاتية وان يتحرر من عبودية الدولة والسلطة ويكون لدى هذا المجتمع ادارة سياسية ممثلة (بمنضومة المجتمع الديمقراطي).

3 ـ الحياة الاجتماعية، وهي الحياة القائمة على اساس اختيار البديل عن نظام الحداثة الراسمالية الذي حطم المنظومة القيمية والاخلاقية للمجتمع عبر رسملة التعليم، المرأة، الشباب، البيئة، الصناعة، الزراعة، وكافة مناحي الحياة التي تم تسليعها لخدمة الراسمالية وتعاظم رؤوس الاموال لتذهب الى جيوب الشركات الاحتكارية.

ان اختيار البديل لذلك النظام لايتحقق الا باعتماد (منظومة المجتمع الديمقراطي) التي تحمل معها الشروط اللازمة لبناء الفرد الحر الذي هو امتداد للمجتمع الحر الذي يتشكل من مجموعة هؤلأء الافراد.

4ـ الحياة الندية الحرة، ونعني بذلك بأن المجتمع الديمقراطي لايمكن له ان يدير نفسه دون ان يكون للمراة فيه دور الريادة والقيادة جنبا الى جنب مع الرجل لتحقيق حالة التوازن الطبيعي، فالمرأة المتحررة تعني مجتمع متحرر قادر عل بناء كيان قوي متماسك ومجتمع ديمقراطي اخلاقي تشاركي.

5 ـ شبه الاستقلال الاقتصادي، وهنا يجب ان تكون من اهم اهداف وغايات منظومة المجتمع الديمقراطي  هو الحاق الهزيمة بكل العقائد والافكار المتوارثة من تراث الدولة القومية والسلطة الراسمالية اللاهثة وراء مراكمة راس المالي والوصول ال الربح الاعظم. على حساب تدمير المجتمع ذهنيا وثقافيا ليمتد التدوير المنهجي فيشمل كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية…الخ

والمطلوب منا كجبهة نضال الديمقراطي ان نناضل في سبيل ايقاف الممارسات الوحشية واللاانسانية في الاستحواذ على السياسة الاقتصادية للبلاد وتوجيهها الى الوجهه الاخرى التي تمكن من السيطرة على الاقتصاد لان “شبه الاستقلال الديمقراطي هو ادنى حدود التوافق بين الدولة القومية والامة الديمقراطية، واي حل ادنى من ذلك انما هو استسلام وشبه استقلال ديمقراطي مضمون لايتخذ من الراسمالية الخاصة او راسمالية الدولة قاعدة مضمونة للحياة الايكلوجيه والاقتصاد الكومينالي (التشاركي)، وعليه فأن شبه الاستقلال الديمقرطي يختزل الربح ومراكمة راس المال الى ادنى درجة ولايرفض السوق والتجارة وتنوع الانتاج والرقابة والعطاء فهو لايرضى بالتماشي مع النظام المالي الا بما يخدم العطاء الاقتصادي. كما يعتبر كسب المال بالمال هو اسهل نماذج الاستغلال، وهذا النموذج قد حاربته حتى الاديان، ومثال ذلك الدين الاسلامي الذي حرم “الربا” كما ان الاسلام اعتبر “العمل عبادة”.

6 ـ البنية القانونية، وفي فهمنا للبنية القانونية فاننا في جبهة النضال الديمقراطي نعتقد بأن بنية القانون الديمقراطي انما هي بنية بسيطة وغير معقدة وتعتمد الاحتكام الى الاخلاق والعرف الانساني العادل، ولايتم اللجوء الى القوانين التي تعتمدها الدولة الا في حال الضرورة القصوى.

7 ـ ثقافة الامة الديمقراطية.. نحن في جبهة النضال الديمقراطي نناضل بوعي الاحداث ثورة ذهنية تستوعب وتعي ايضا وتواجه مفهوم (الدولة) التي اكتسبت معناه كأختراق ذكوري تأسس على اساس الثقافة الابوية المعمرة منذ الاف السنين، وكان سببا في كل الماسي والمشاهد التراجيدية المدمرة التي حاقت بالبشرية طوال تاريخها السلطوي القائم على النهب والقتل والاستحواذ على المغانم.

فالبعد الثقافي في المجتمع الديمقراطي يتمحور حول ثالوث (الفكر والاختيار والاخلاق) هذا الثالوث الذي يمكن كل المجموعات الاجتماعية من العيش معا على اساس الاختلاف المتمحور حول ثقافاتها وهوياتها الخاصة مع عدم اجبارها على قبول الثقافة او المواطنة ذات الشكل الواحدة. فتعددية الالوان الثقافية هي التي تحمل معها قيم الغنى الثقافي والجمال الانساني، لذلك نسعى الى اعادة تكوين مجتمعنا من خلال اعادة المعنى الحقيقي للتاريخ والثقافة.

8 ـ الدفاع الذاتي، وهو حق طبيعي وليس مكتسب، فالدفاع عن الذات والمجتمع هو سياسة تتصل  بسياسة الامن والحماية للمجتمع الاخلاقي. وليس دفاعا عن نظام حاكم او سلطة تعسفية تحتكر الحياة وتتحكم بالمقدرات والموارد والارواح.

9 ـ السلك الدبلوماسي، وقد افرغت الدولة القومية ونظامها الراسمالي هذا السلك من محتواه الانساني ايضا فجعلته وسيلتها التي تلجأ اليها لمنع اندلاع الحروب بين اقطابها.

اما دبلوماسيتها فتعتمد على توحيد الشعب على اسس ديمقراطية ليتشكل حلف مشترك بين الشعب بكل اطيافه وتعدديته على اختلاف مصالحها للنظر في المصالح العليا للمجتمع الديمقراطي، والانخراط في سياسة متوازنة قائمة على العدل والمساواة، وحسن الجوار والاحترام المتبادل بين الدول.

فنحن من الناحية العملية والتنظيمية نعتمد اسس وركائز تفسر فلسفتنا القائمة على ما ذكرنا انفا ومن اهم تلك الركائز والاسس:

1ـ الكومنيات والمجالس والتي هي بابسط تعريفاتها: هي تلك المؤسسة التي تستند الى وحدة القلوب، وهي الميدان الحر الذي تكتشف فيه الشخصية ملامحها الذاتية لتحقيق اهدافها السامية، وهي كذلك مدرسة الادارة الذاتية والديمقراطية المباشرة، وهي الموقد الذي تنضج على ناره الانسانية الخيرة والعدالة وحقوق الانسان، وهي ايضا المكان الذي تتحقق فيه المساواة بين الرجل والمراة وتخرج فيه المراة من كونها متاعا للرجل لتصبح الند الاقوى في ميدان الحرية والمحبة وصناعة الحياة الحرة الكريمة

اما المجالس المحلية. فهي النظام الاداري المتمثل في المؤسسات الادارية لدى (المجتمع الديمقراطي).

كذلك فـأن الاقتصاد الكومنيالي التشاركي هو الاقتصاد الذي يسعى الى تامين احتياجات المجتمع في ظل الديمقراطية، بعيدا عن احتكار وسائل الانتاج. واحترام الملكية الخاصة ضمن شروط محددة.

نحن نولي الاكاديميات عناية فائقة اذ انها تشكل الاساس في انضاج العقول والذهنيات في بناء المجتمع الديمقراطي السياسي، الاخلاقي، والايكلوجي، ولها الدور الاساس في تعريف المجتمع بذاته وحاجاته. كما انها المسؤولة عن اعداد الكوادر الادارية والقيادية التي تتولى مهمة الانتقال بالمجتمع الى افراز جديد للحياة.

في جبهة النضال الديمقراطي لدينا اعتقاد راسخ من ان قوة المجتمع الديمقراطي لايمكن ان تكتمل صورتها وتحقق غاياتها مالم يكن الدور الريادي والقيادي فيها من نصيب المراة والشباب ويكون لهم الدور الطليعي في قيادة المجتمع الديمقراطي بدماء جديدة وفكر ثوري حر يقوم على اساس المواطنة المتساوية وتحقيق ارادات الشعب بكل مكوناته في احداث انطلاقة.  

 

 

 

 

 

 

علي ابراهيم

عضو لجنة الاعلام في جبهة النضال الديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى