المقالات

الحياة الندية الحرة

لايمكن ادراك او حل اي مشكلة اجتماعية بالدرجة الكافية، دون استيعاب العلاقات بين المراة والرجل اذ تتخفى اشكالية العلاقات بين الجنسين وراء القضايا الاجتماعية، فلدى قيام مؤسسة الزواج ـ المفروضة على المرأة في المجتمع الهرمي ومجتمع مدني بمنوال احادي الجانب ـ بإنشاء حاكمية الرجل المتعددة الجوانب، تكون بذلك قد رصفت لارضية المؤسسة العبودية وتبعية خاصة بالمجتمع البشري بنحو لم يشهده ربما اي كائن اخر في الطبيعة، وترتفع كل حالة تمايز مجتمعي وطبقي وقومي بين الساحق والمسحوق على هذه الارضية دوما.

كما ويتستر هذا الواقع خلف جميع اشكال الصراعات والحروب ايضا، وما تم مواراته وقلبه  راسا على عقب وعكسه سلبيا بالاكثر من تاريخ المدنية في الحداثه الراسمالية بوصفها اخر مراحل المدنية هو الواقع المعني بعبودية المراة المبنية على تلك الارضية فالمراة التي طوبق بين اسمها والشيطان في مجتمع  المدنية، وحسب سلوك الامتثال في سوسيولوجيا الحداثة، هي الشخصية الاكثر طاعة وخنوعا، والعاملة المجانية في المنزل، والام المنجبة للاطفال.

ان ادراك كافة اشكال ومضامين مستوى العبودية التي اشتبكت بها حياة المراة على مدى الاف السنين بيد الرجل وعقلة الاستبدادي والاستعماري، هو امر كان يتوجب اعتباره اول خطوة على درب سوسيوليوجا الحقائق، ذلك ان معالم العبودية والاستقلال في هذا الحقل هي نموذج بدائي مصغر عن اشكال العبودية والاستغلال الاجتماعي، والعكس صحيح اي ان كفاح الحرية والمساواة ازاء العبودية والاستغلال المضني في حياة المرأة ومستوى المكاسب المحرزة في هذا الكفاح، يشكل ارضية كفاح الحرية والمساواة تجاه العبودية والاستغلال في جميع الميادين الاجتماعية من هنا، فالعجز عن الفهم الكافي لمؤسسات وذهنيات العبودية والاستغلال التي طبعت حياة المراة ورسمت ملامحها ، وعدم الكفاح ضدها من لا اساس، يعد العامل الاولي وراء عدم التمكن من تطوير النضال على درب الحرية والمساواة ووراء العجز عن الانتهاء بذلك النضال الى نصر مؤزر طيلة تاريخ المدنية عموما والحداثة الراسمالية خصوصا، الا يقولون ان “السمج يفسد من راسه!” اذن وعندما لاتكون الارضية سليمة، فان البناء الذي سيشيد عليها سينهار مع اي ارتجاج  صغير، والواقع المعاش تاريخيا وراهنا مليء بعدد لاحصر له من الامثلة الدالة على ذلك.

ينبغي ان يكون التركيز على ظاهرة المرأة واسناد انشطة الحرية والمساواة الى حقيقة المراة لدى الشروع بتحليل القضايا الاجتماعية اسلوبا بحثيا رئيسيا من جهة، وارضية للجهود العلمية والاخلاقية والجمالية المبدئية من جهة ثانية.

 ذلك ان اسلوب البحث الذي تغيب فيه حقيقة المراة وكذلك كفاح الحرية والمساواة الذي لايتخذ من المراة محورا له، لن يقدر على بلوغ الحقيقة ولا نيل الحرية وتوطيد المساواة.

لجنة المرأة / جبهة النضال الديمقراطي

 

علي ابراهيم

عضو لجنة الاعلام في جبهة النضال الديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى