المقالات

هل من حلول للاوضاع السياسية القائمة في العراق..؟؟؟!!

كان احتلال العراق حدثا تراجيديا وتحولا تاريخيا غير وجهة المنطقة والعالم على كافة الاحتمالات المتوقعة وغير المتوقعة…!!

ومن الامور والتداعيات الصادمة هو ذلك التطور الخطير الذي حصل في العراق دون ان تحسب له الادارة الامريكية وحلفائها اي حساب يذكر الا وهو المرحلة التالية التي تمثلت في فترة ما بعد الاحتلال وخيبة الامل التي اصابت العراقيين حيث اكتشفوا بعد اكثر من عقد ونصف من الحكم المحاصصي والاثار الكارثية اللاحقة والتي تعد استكمالا لمرحلة ماقبل الاحتلال حيث جاءت كنتيجة طبيعية لنظام (المحاصصة) الذي صممه المحتل الامريكي وجعله انموذجا مسخا للديمقراطية تحت عنوان (الشراكة الوطنية) … هذا المفهوم الغريب تماما على القاموس السياسي, وان الاثار المدمرة التي مني بها العراق تحتاج الى مجلدات للاحاطة بها…!!!

فقد قدرت دراسة أجراها مشروع بدائل الدفاع في معهد الكومنولث بمدينة كامبريدج في ماساتشوستس في 20 أكتوبر من عام 2003؛ إلى أن «الموت المحتمل شمل حوالي 11 ألف إلى 15 ألف عراقي، بما في ذلك حوالي 3200 إلى 4300 مدني غير مسلح»، وذلك في الفترة منذ 19 مارس عام 2003 حتى 30 أبريل عام 2003.

تكبد العراق خسائر بشرية ومادية بحسب احصائات الى مقتل 180 الف شخص في ما بلغت الخسائر المادية بعد سقوط الموصل فقط في  حزيران 2014  نحو 23 مليار دولار.

نظام المحاصصة الذي تبنته الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق كان معدا له في الدوائر الاستعمارية والرسمالية وبعناية فائقة.. فقد جاءت النتائج كما خططت لها تلك الدوائر حيث اتت المحاصصة واجهزت على ما تبقى من البنى الاساسية للدولة وتم القضاء على البنى التحتيه للعمل المؤسساتي الذي وقع ضحية للفساد المالي والاداري واصبح عرفا تتبجح به القوى السياسية وهي تتقاسم وزارات الدولة والدوائر التابعة لها باعتبارها مغانم او مكاسب حزبية بين العرب الشيعة والعرب السنة, والحزبين الكرديين الديمقراطي الكردستاني والاتحادي الوطني الكردستاني…!

فمن المسلمات عندنا بان عمليات التزوير التي حصلت في الانتخابات الاخيرة والتي جرت في 10 -1- 2021, وسابقاتها في السنوات الماضية انما هي انعكاس للتنافس الغير ديمقراطي على  المكتسبات التي تحققت للاحزاب الحاكمة والمكتسبات والمغانم التي ستتحقق لها فيما لو حصلت على النسبة الاكبر من اصوات الناخبين الذين لم تتجاوز مشاركتهم العشرون بالمئة على اعلى تقدير ( وحسب مراقبتنا لمجريات الاحداث الانتخابية) ان عمليات التزوير تلك سواء في الانتخابات الاخيرة او سابقاتها انما تعكس حالة التدني المعرفي والثقافي لدى الاحزاب والقوى السياسية المشاركة في الانتخابات وجهلها بابسط القواعد الديمقراطية وعدم اكتراثها بهموم الشعب ومعاناته الطويلة وخيبة الامل التي اصيب بها جراء السلوك السيء للاحزاب الحاكمة وعجزها عن تحقيق اي منجز يتناسب مع الثروات الطائلة المتحققة من بيع النفط الذي يكاد يكون هو المصدر الوحيد للميزانية الحكومية والدولة, وانا اجزم بأن كل ذلك يحصل تحت رعاية قوى الاحتلال وبتوجيه مباشر من السفارة الامريكية في بغداد.

ان فشل نظام المحاصصة والصراع على النفوذ والمغانم قد تجلى من خلال مطالعاتنا للفضائح التي يكشفها الاعلام عبر صفحات التواصل الاجتماعي او التقارير الصحفية والاعلامية المختلفة فعلى سبيل المثال لا الحصر نشرت مواقع لبنانية خبرا يتحدث عن الاموال والعقارات التي تضررت نتيجة لانفجار مرفا بيروت والتي تعود لسياسيين عراقيين لايتسع المجال لذكرهم هنا وهم يمثلون الخطين الاول والثاني من قادة الاحزاب الحاكمة او حواشيهم… وهو تقرير صادم بحق… اما فيما يتعلق بالعلاقات مع دول الجوار والاقليم فانها اصبحت مثارا لتهكم وسخرية المواطن العراقي للاداء السيء والغير مهني الذي دأبت عليه الحكومات المتعاقبة بعيد 2003، وقد كان التاثير الاكبر على الامن والاقتصاد يتمثل في علاقاتنا مع الجارتين ايران وتركيا.

فالمجال هنا لايتسع للحديث عن التدخلات الايرانية في العراق لان ذلك يحتاج  الى موضوع قائم لوحده، لكن علينا ان نتوقف عند تدخل الجارة تركيا التي ترتبط مع العراق بعلاقات تجارية بلغ  حجمها التجاري في احيان كثيرة الى اكثر من 24 مليار دولار ومن طرف واحد….!! لكن الذي يثير الكثير من التساؤلات هو تلك السياسات التي عبر عنها الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان” ولاسيما منها تلك المتعلقة في الشأن السوري والعراقي بشكل واضح، في اعقاب نشر العديد من وسائل الاعلام الاوروبية ومن المعارضة التركية حول العلاقة ما بين النظام التركي الذي يترأسه “رجب طيب أردوغان” وتنظيم “داعش” الإرهابي، هذه العلاقة التي اثارت الكثير من الجدل!!

فكثير من الدول لها علاقات مع “داعش” سواء على أسس مصالح اقتصادية أو لتقاطع عقائدي، ولكن الدولة التركية تتقدم في قائمة تلك الدول وذلك ليس خافياً على أحد.

حيث تبنت الدولة التركية تنظيم “داعش” ولم تنكر أبداً صلتها به، وفي بعض الأحيان وصفت تركيا الدواعش من خلال عدة منشورات على الإعلام بـ “بالأطفال الغاضبين” وتبنتهم.

كما انتشر عشرات الفيديوهات التي تظهر فرحة التقاء جنود الاتراك بعناصر تنظيم “داعش” على الحدود السورية التركية، وظهرت تلك المقاطع على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، كما أن عشرات الألاف من عناصر “داعش” والجهاديين الإرهابيين وصلوا إلى سوريا عبر الأراضي الخاضعة للدولة التركية، وأكثر مكان نظم فيه تنظيم “داعش” نفسه وزاد عدد عناصره فيه هو تركيا.

إضافة الى ذلك فقد جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص السابق للولايات المتحدة الأمريكية لدى التحالف الدولي المناهض لـ “داعش”، “بريت ماكغورك”، وقال في كشف العلاقة بين الدولة التركية وداعش: (عقدنا لقاءات عديدة مع تركيا لإغلاق حدودها أمام تنظيم “داعش”، والهدف كان عرقلة دخول داعش إلى سوريا، لكن الحكومة التركية لم تغلق حدودها وقالت لن نغلق، ولكن بعد سيطرة الكرد على جزء من الحدود أقامت تركيا جداراً على الحدود وأغلقته…!)

فقد سبق لتركيا ان فعلت هذا مع العراق حين كانت تدفع بالاف المقاتلين عبر حدودها معه او عبر الحدود السورية كي يفجروا انفسهم في شوارع مدنه المسالمه.

فضلا عما انتهت اليه هذه العلاقات القائمة على ابتزاز الجار التركي للعراق عبر علاقاته المشبوهة مع قوى عراقية نافذه بالرغم من احتلاله مناطق واسعة في شمال العراق وتواجد  اكثر من (36) قاعدة عسكرية له في مناطق اقليم كردستان العراق.

 

ان تركيا تستخدم ورقة المياه مقابل النفط الذي استحوذت عليه مرة بابرام الاتفاقيات مع سلطة الاقليم او من خلال التهربب وتحت حراسة الدواعش واذنابهم والمتعاونون معهم من قوى النفوذ في الداخل العراقي.

اجمالا فان العملية السياسية في العراق مالم تشهد تحولا جذريا على مستوى تحسين الاداء الحكومي ووضع برامج علمية رصينة لمحاربة الفساد المالي والاداري وتقديم الخدمات واصلاح البنى التحتية وانهاء نظام المحاصصة البغيضة ومحاربة التمييز العرقي والطائفي وتجريمه من خلال استصدار قانون تشرعه الحكومة القادمة ويصادق عليه البرلمان كي تنهي بذلك فصلا دراماتيكيا وتراجيديا عانى منه العراق كثيرا … مالم يتم كل ذلك فان العراق ذاهب الى المجهول لامحال …

 

جبهة النضال الديمقراطي

 

علي ابراهيم

عضو لجنة الاعلام في جبهة النضال الديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى