المقالات

علاقة الانسان بالحرية….كعلاقة الروح بالجسد)

سعدون شهاب احمد

ماهي الحرية ؟

ما مرادنا من الحرية ؟

لماذا يسعى الكل إلى الحرية؟

وهل الحرية  شي مادي ام  معنوي ؟

ماهي العلاقة الاخلاقية مع الحرية؟

ماعلاقة المال ورأس المال مع الحرية؟

ماهي علاقة الانسان  بالحرية ؟

ماهي اعلاقة المجتمع مع الحرية؟

 واخيرا و قد لا تكون الاخيرة ….هل الكون مراده الحرية فعلا….؟

الكثير والكثير من الاسئلة المتشابهة و المتنافرة تراود عقولنا عن هذه القضية…. وقد تكون من اهم القضايا الانسانية التي نعيشها في حاضرنا الاليم .هنا وعندما نتحدث عن مثل هذه القضايا  نكاد لا نتمالك انفسنا و كأن الحرية هي هدف الكون برمته وهي الحقيقة الكونية التي لانختالف على حقيقتها…( ونحن نعيش في منظومة او نظام الحداثة الرأسمالية ) … نجد امامنا سردا من تعاريف و نظريات تتحدث عن الحرية وكثيرا ما نراه في الأدبيات السياسية….و من خلال هذه النظريات المتباينة ( واكثرها متناقضة ) …. قد تجعلنا  في مفترق طرق …وحتى الكثير من الشعارات الثورية التي تنادي  بالحرية….وفجأة نلاحظ انفسنا قد وقعنا بكمين العبودية ‘ او  كأننا كنا ننادي بالسلطة و التعددية  القومية والدين و المذهب ومن ثم نسئل حينها انفسنا…؟؟!!!… لم يكن هذاغايتنا ابدا.

اذا والحال هذه ماذا اذا عن الحرية …؟؟…فالفيلسوف (سبينوزا) يقول عن الحرية :  ” انها قوة المعنى و الخلاص من الجهل ” والكثير من الآراء قد تقول بان الحرية هي في خلاص الشعب من الديكتاتوريات و ايضا البعض يرى الحرية بأنها تعني  الحق في تقرير مصير شعب…وان من  الممكن أن يرى البعض بأنها تعني بأنها بمثابة اخراج سجين من سجنه وإخلاء سبيله وظنه بأنه قد نال حريته نال حريته ….وهناك الكثير من الاراء نستطيع ان نوردها في موضوعنا هذا.

فمن المهم هنا  عدم سلوك الانانية في قضية الحرية ، و عدم السقوط في اختزالية تجعل الحرية حكرا على  الانسان و المجتمع فقط …. فالحرية طموحها عميق و ليست حكرا على المجتمع البشري فقط….و الحرية لها جانب معني بالكون لابد منه لتفسير العلاقة الجدلية بينهما…. و اذا دققنا في قرينة ( الجسم – الطاقة) التي تشكل اللبنة الاساسية للكون ، ولن نتردد في التشديد على ان الطاقة هي الحرية ….ولا يمكن انكار بان تخبط الحيوان المحبوس في القفص هو من اجل الحرية…؟ …و باي مصطلح ( عدا حقيقة الحرية ) يمكننا ايضاح تغريدة البلبل في القفص….؟؟!!!

و في ظل الازمة الموجودة ، فإن مهمة  النظام الراسمالي بالاحرى هي صناعة الازمة . اذ لا يمكن لمنهجية نظام المدنية المركزية تأمين ديمومتها و صون و جودها  دون حرمان المجتمع من الحرية ، و دون إسقاطه تدريجيا الى درك مجتمع القطيع….!!!

ان تعريف الحرية بأنها التكاثر و التنوع و الاختلاف في الكون يسهل الامر من حيث توضيح معنى الأخلاق المجتمعية ايضا….فعمليات التكاثر و التنوع و الاختلاف تحث دائما على التفكير بوجود كائن ذكي تحمله بين طياتها، و لو ضمنيا بحيث تكون لديه قابلية الاختيار و الاصطفاء ‘ و البحوث العلمية ايضا تؤيد اتسام النبات بذكاء يدفعه الى التنوع. اذا لا يمكننا تفسير وشرح اي شي الا بوجود الذكاء.

و بالامكان تعريف الانسان بانه اذكى مخلوق معروف في الكون حتى الان ‘  وان مستوى ذكاء الانسان و مرونته في المجتمع البشري يشكلان الدعامة الحقيقية للبناء المجتمعي الحر….وبهذا المعنى فان تعريف الحرية على انها قوة الانشاء المجتمعي هو امر في محله تماما….. و نحن نعلم ان هذا قد سمي ب ” السلوك الاخلاقي ” منذ اولى المجموعات البشرية.

اذا فالاخلاقيات المجتمعية غير ممكنة إلا بالحرية. او بالاصح فالحرية هي منبع الاخلاق. و بمقدورنا تعريف الاخلاق بانها حالة الحرية او تقاليدها او قواعدها المركزة. فاذا كان الخيار الاخلاقي منبثقا من الحرية فسيكون من المفهوم تسمية الاخلاق على انها الوعي الجمعي للمجتمع ( الضمير) ، وحينها سنضع روابط مع الذكاء و الوعي و العقل نصب العين .

 

ماهي العلاقة السياسة المجتمعية مع الحرية ؟

 أن المجال السياسي هو الميدان الذي تتصادم فيه العقول ذات النظريات التنبؤية الثاقبة… سعيا منها لنيل النتيجة المأمولة. وبهذا  المعنى  يمكننا تعريفه ايضا بالميدان الذي تحرر ضمنه الذوات الفاعلة نفسها بواسطة فن السياسة ‘ وان كل مجتمع لم يطور السياسة المجتمعية عليه الادراك بأن ذلك سيعود عليه بالحرمان من الحرية ، و انه سيدفع ثمنه باهظا . فكل مجتمعات ( الكلان، القبيلة ، القوم، الامة، الطبقة، وحتى اجهزة الدولة و السلطة) العاجزة عن ممارسة وتطوير سياستها ، محكوم عليها بالفشل الذريع .

والسؤال :” اي منهما هي التي تنبثق عن الآخر…؟ هذا هو موضوع الجدال الدائم . و بكل سهولة فان كلتيهما تتممان بعضهما البعض من حيث كثافة علاقتهما. فبقدر ما نفكر باواصر السياسة المجتمعية مع الحرية …فبمستطاعنا عقد الروابط بينها و بين الديمقراطية ايضا . ذلك ان السياسة الديمقراطية هي الحالة الاكثر تجسيدا للسياسة المجتمعية .بالتالي فقد اصبح بالامكان تعريف السياسة الديمقراطية بأنها فن التحرر الحقيقي.

والسؤال عن العلاقة فيما بين المساواة و الحرية …؟

في الحقيقة كثيرا ما يتم الخلط في العلاقة بين المساواة و الحرية .فالعلاقة بينهما معقدة وفيها اشكالية بقدرما مع الديمقراطية على الاقل …. اذ نجد ان المساواة التامة تتحقق احيانا مقابل ثمن تدفعه قوى الحرية ‘ و كثيرا ما يتم التشديد على استحالة وجودهما معا، و على ضرورة تقديم التنازلات من احداهما كما يتم التبيان بأن الحرية ايضا تقتضي احيانا تقديم التنازلات عن مساواة ثمنا لذلك …ومن الضروري بمكان ايضاح الفرق بين طبيعة كلا المصطلحين ، وبالتالي فان الظاهرتين في سبيل صياغة تشخيص سيلم للقضية…. فالمساواة على الارجح مصطلح قانوني،وتفضل تقاسم الحقوق عينها بين الافراد و المجموعات دون اي تمييز…. بيد ان الاختلاف  خاصية اساسية للكون بقدر ماهو كذلك بالنسبة للمجتمع ايضا.بالتالي تقاسم الحقوق التي من نفس النوع ، ولن تكون للمساواة اي قيمة ، الا اذا اتخذت الاختلاف اساسا لها.

واما بخصوص  الحرية الفردية و الحرية المجتمعية .ويمكن ان نعرفها بالحرية سلبية( الفردية) و الحرية الايجابية( المجتمعية) فالحداثة الراسمالية المؤججة لنزعة الحرية الفردية …. لا ريب انها حققت ذلك مقابل انهيارات كبرى بالروح الجمعية للمجتمع…..اما الحرية الجمعية للمجتمع، فعلينا التوضيح بكل اهمية بان الحرية الاصلية والى جانب اهتمامها بالشخصانية فإنها تمر عبر تحديد هوية شتى انواع المجموعات ( القبيلة ، القوم، الامة، الطبقة، المجموعات المهنية وغيرها) ، وتأمين مصالحها والدفاع عن امنها..    وان الحرية لن تجد معناها إلا بموجب هذه الأسس. وبناء على ذلك فلن نستطيع الحديث عن نظام المجتمع الحر الذي ينادي بالحرية ليكون مجتمع متوازن و ناجح بصورة مثلى إلا عند تحقيق التواؤم بين الحريات الفردية و المجتمعية تأسيسا على تلك الثوابت.

وتلافيا لتحريف العلاقة بين السياسة و الحرية  ينبغي الحذر في تحديد الفوارق بينهما و بين سياسات (او بالاحرى لا سياسات) السلطة و الدولة . فقد يكون لأجهزة السلطة و الدولة استراتيجياتها و تكتيكاتها لتنظيم اعمالها ولكن ليس لديه سياسات بالمعنى الحقيقي للكلمة …. وبالاصل  لا تتواجد السلطة و ألدولة فعلا إلا في المرحلة التي تنتفي فيها السياسة المجتمعية …. فالسلطة و الدولة هما المكان الذي ينتهي فيه الكلام السياسي،  وبالتالي تغيب فيه الحرية  وان ماهو موجود فيهما ليس سوى الحكم و تلقي أو اصدار الاوامر ، وسيادة القانون و النظام الداخلي ‘ و بحكم جوهر الدول و السلطات باعتبارها أدوات سيطرة و تحكم ، فلا معنى لها سوى انها نوع مختلف من سلب فوائض الانتاج والقيمة .

 

علي ابراهيم

عضو لجنة الاعلام في جبهة النضال الديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى